” كتبنا وما كتبنا
ويا خسارة ما كتبنا ..”
كم رسالةً حمّلْنا حروفَها وجوهَنا وأشواقَنا ؟ هل تذكرون ؟ ..
لا أنسى ركني الصّغير في غرفتي .. دفتري وقلمي وثرثرات على الورق ما ملَلْتُ منها يومًا ..
كلُّ الأولاد كانوا يكتبون إلى ” بابا نويل ” وأنا كنتُ أكتبُ إلى ” الله ” .. أوشوشُهُ بإحساسي ، وأقولُ له أسراري لأغفوَ مطمئنّة ..
” العلاقة التي لم تخذلني يومًا.. وربّما أنا فعلت “
كلُّ الأولادِ كانوا يطلبون الهدايا ، وأنا كنْتُ أغرفُ من حصّالةِ أمنياتي عودةَ صديقتي كارمن من استراليا .. وجدّي من البرازيل .. وأختًا طالما لمتُ أمّي أنّها تأخّرت في ولادتها ..
” إذا كلن نسيوني وحدك ما بتنساني
ناديتك من حزني
عرفت إنك معي
وسعي يا مطارح ويا أرض اركعي ..”
كان دائمًا يسمعُني ، وصلاتي بقيَتْ من قلبِ طفلٍ يؤمنُ بالمعجزات.. وأنّ القبلة تداوي كلّ الجروح .. وأنّ الزّعترَ مع الزيت يومَ الامتحان وصفةٌ مضمونةٌ للنجاح ..
نعم ، ما زلتُ تلكَ الفتاةَ التي تتأنّقُ لأحلامها ..!
و ” عتمُ الليل ” الذي أخافَ فيروز ، كانَ يسرقُني قمرُهُ ، وأشتاقُ معه إلى وجوهِ أحبّةٍ رصّعتُهم في ذاكرتي المصابة دائمًا بلعنة الانتماء ..
الانتماء إلى كلّ لحظة صدق عشتُها بكامل نبضي ..
الانتماء إلى كلّ ابتسامةٍ غيّرت يومًا قدري ..
الانتماء إلى حكايا جدّتي التي أوصتني يومًا : ” لا تشبهي إلّا مرآتك .. ستكونين وحدكِ فارسةَ الحلم ..”
” شو همّ ليل وطار
وينقص العمر نهار “
تلكَ الليلة التي لم يظهرْ فيها القمرُ كانت تحذيرًا من الوقت ألّا أصدّقَ وعدًا .. وأن الانتظار ” حكي وأشعار ..”
يومها ذهبْتُ إلى سريري أحملُ سؤالًا لم يجبني عليه يومًا أحد :
” لماذا عندما يقطفون فرحَنا ، يرحلون ؟
وعندما نأمنُ لهم .. يسرقُهم الليل ؟
ليل فيروز .. الحرامي ..”
( يتبع ..)
رانية مرعي