فنانة الجسد والإستفزاز تجربة الفنانة الصربية ” مارينا أبراموفيتش”

👈فنانة الجسد والإستفزاز
تجربة الفنانة الصربية ” مارينا أبراموفيتش”

مارينا أبراموفيتش لم تتهاون عن عرض جسدها في أوقات مختلفة طيلة مسارها الفني ….
تُعتبر الفنانة الصربية المعاصرة مارينا أبراموفيتش المولودة :
ب 30 نوفمبر (1946) من رواد فن البرفورمانس (الأداء الفني)، المنتمي إلى براديغم الفن المعاصر، إذ اشتهرت بعروضها الإستفزازية والمثيرة للجدل، رفقة شريكها الألماني الفنان يولاي؛ حيث قاما بدراسة في تجارب عديدة- العلاقة بين جسدين وفكرين في دينامية سيكولوجية للجسد.
لهذا فأعمالها إلى جانب كونها أعمالا أدائية فهي تنتمي إلى خانة:
“فن الجسدي” الذي تعتبر أبراموفيتش رائدة من رواده، والذي هو مجموعة من الممارسات والأدوات التي تضع لغة الجسد في قلب عمل فني.
وفي بعض الحالات، يجعل الفنان جسده عملاً فنياً بحد ذاته، والحالة هنا أعمال الفنانة أبراموفيتش الجريئة والتي اشتغلت على جسدها ضمن سياقات إبداعية معتمدة على تنصيبات فنية أو الأداء الحي أو المسجل (فن الفيديو)، وغيرها من التوجهات الفنية التي تغذي الممارسة الفنية المعاصرة التي انطلقت منذ منتصف القرن الماضي.

تعد تجربة مارينا أبراموفيتش جزءًا هاما من الحركة الفنية للفن الجسدي، إذ لم تتهاون عن عرض جسدها في أوقات مختلفة طيلة مسارها الفني، للخطر.
وقد كادت تفقد حياتها أثناء تنفيذ أحد أداءاتها الفنية، حيث وُجد في حالة احتضار بسبب الإختناق تحت ستار من النيران.
ومع ذلك، فإن الهدف من كل أداءاتها ليس الإثارة، بل إن أعمالها هي سلسلة من التماهي مع التجارب التي تقوم بها، في عملية تسعى من خلالها إلى إعادة تعريف الحدود، أي السيطرة على الجسد، والعلاقة بين الفن والمؤدي، في تركيب فني يحاول معالجة الرموز التي تحكم المجتمع. وبالتالي، يمكننا القول إن مشروعها الفني له هدف طموح وعميق وهو جعل الناس أكثر حرية.
لهذا نستعرض في نصنا، أهم أداءين قامت بهما هذه الفنانة التي لا تتوقف على استفزاز الجسد والمجتمع..

👈 “نخبة المجتمع والفتك بالجسد “

لم تتوقف أبدا إلى يومنا هذا الفنانة الصربية المعاصرة، مارينا أبراموفيتش، على القيام بأعمال/أحداث فنية قائمة على “عنصر” المخاطرة القصوى، إذ تضع جسدها بالخصوص إزاء مغامرات جسدية لمعالجة قضايا اجتماعية ونفسانية وهوياتية وسياسية وجنسانية…
جاعلةً المتلقي جزءا فعالا في عملية خلق الحدث الفني، بل فاعلا أساسيا في أهم مغامرة كادت تؤدي بها إلى الوفاة في حالات معينة، من بين كل البرفورمانسات التي قامت بها.
حيث قامت سنة 1974، ببرفورمانس جد خطير، اختارت له “إيقاع” عنوانا بارزا، في مغامرة مثيرة جاعلة جسدها “غرضا حرا” لكل ما يرغب المتلقون القيام به، لمدة ستة ساعات متواصلة، حيث ظلت الفنانة واقفة دون حراك. واضعة ورقة توضيحية كتبت فيها:

“على الطاولة يوجد 72 غرضا، يمكنكم بها أن تقوموا بما تريدونه فيَّ.

“برفورمانس.”

أنا غرض.

أتحمل كل المسؤولية لما سيقع في هذا الحيز الزمني.

المدة الزمنية: 6 ساعات

📌 “ما قبل العاصفة”

مغامرات جسدية لمعالجة قضايا اجتماعية ،نفسانية ،هوياتية ،سياسية وجنسانية ، أداء فني جريء …
انقسمت الأغراض إلى فئتين : إحداها تتكون من “أغراض ممتعة”، والأخرى “أغراض فتاكة” الأشياء الترفيهية غير مؤذية تمامًا، فهناك ريش وزهور وعنب وعطور ونبيذ وخبز… ومن بين الأشياء المدمرة توجد سكين ومقص وشريط حديدي وشفرات حلاقة ومسدس مع خرطوشة…

في ظل الساعة الأولى لم يجرأ أحد من الحضور أن يقترب إلى “الغرض/الفنانة”، سوى الصحافيين الذين بدؤوا بالتقاط الصور،
ومن ثم سيتجرأ أحد على معانقة وتقبيل العارضة/الغرض، التي لم تتفاعل بأيّ إشارة رفض، ما سيحمّس الآخرين على الإقتراب وحمل الأغراض والتعامل بها بحرية على جسد الفنانة المعروض، إذ سيقدم لها أحد وردة لتحملها.
إنها فقط لحظة عاطفية هادئة قبل العاصفة….
سيستمر الهدوء واللعب بالأغراض الممتعة وجسد الفنانة بلطف، إلى حدود الساعة الثالثة، حيث سيتجرأ بعض المتلقين على حمل جزء من الأغراض التدميرية… فكان الحدث الإنقلابي.

👈 بداية العاصفة🔪
فجأة أخذ أحدهم السكين وجرحها في فخذها، جرحا غير غائر وهنا العاصفة أعلنت عن قوتها: مُزقت ملابسها بشفرات حلاقة وجرحها رجل عند رقبتها قبل أن يشرب بعضا من دمها، أما أحدهم فحاول الإعتداء عليها جنسيا، لكن التعذيب لم ينته بعد عند هذا الحد، بل سيزداد حدة.

تتذكر مارينا أبراموفيتش آخر ساعتين فتقول “شعرت بالإغتصاب، مزقوا ملابسي، وألقوا أشواكاً وردية اللون في بطني، وضربوا مسدساً على رأسي”.

سيصل البرفورمانس إلى ذروته القصوى، حينما سيصوّب أحدهم المسدس المحشوّ صوب رأس الفنانة التي ظلت صامدة كغرض ميت. حينما سيتم إيقاف الأداء، الذي أثبت ما أرادت أبراموفيتش إثباته.

يكشف لنا هذا العمل الأدائي المستفز عن أفظع ما يتعلق بالأشخاص مهما كان وضعهم الإعتباري والمادي والثقافي، إذا أخذنا في الإعتبار أن المتلقين في هذه الحالة أناس من “النخبة”.
ويوضح البرفورمانس مدى السرعة التي يمكن أن يقررها الشخص الذي يؤذيك عندما يُسمح له بذلك، مما يدل على مدى سهولة تجريد شخص من إنسانيته، بل إن الإنسان “شر تكبته الحضارة إلى حين”.
في هذه الحالة الفنانة غرض/شخص لا يدافع عن نفسه، مما يدل على أن غالبية الناس “الطبيعيين” يمكن أن يصبحوا عنيفين جدًا في الأماكن العامة إذا أتيحت لهم الفرصة، وهذا ما عبّرت عنه الفنانة وأوصلته بأدائها الفني هذا.

منقول عن مجلة الجديد

عن Moussa Moussa

شاهد أيضاً

اعرف قيمةنفسك

كان الشاعر الباكستاني محمد إقبال -رحمة الله عليه- يزور مَصنعًا في لاهور، فلفتَ انتباهه عاملٌ …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *