عندما يتدنى مستوى التخاطب السياسي الى القعر… مرسال الترس
بالرغم من كل الأزمات المعيشية والمالية والصحية التي عصفت بوطنهم، يزداد استغراب اللبنانيين يومياً إزاء ما يسمعونه من ″لغة هابطة″ من سياسيين ومسؤولين فشلوا منذ بضعة عقود في إدارة البلاد، ويضيفون فشلاً في لغة التخاطب فيما بينهم، على مرأى ومسمع من المواطنين بدون خجل، أو الإحساس بمسؤولية أن يكونوا قدوة أمام ناخبيهم وبني قومهم. وبخاصة أن تلك اللغة لم تقتصر على الكلمات الخارجة عن المألوف المجتمعي بل تتعداه في الكثير من الأحيان إلى العبارات النابية التي يتحاشاها المواطن العادي في تعاطيه مع أقرانه.
“إن الألفاظ النابية والكلمات البذيئة تمنح المرء القدرة على التعبير بشكل أفضل عما يجول في خاطره أكثر من استخدام اللغة الانضباطية “، هذا ما رأته الكاتبة البريطانية ليندسي دودجسون، في مقالة لها في مجلة “بزنس إنسايدر” الأمريكية. ولذلك لاحظ العديد من الباحثين في الشأن الإجتماعي “أن ظروف الحرب المتلاحقة في لبنان منذ العام 1975 أدّت إلى الابتعاد عن القيم الأساسية في الأخلاق كلغة للتخاطب مع الآخر، بحيث باتت لغة الشتائم والعنف من القاموس اليومي لدى بعض السياسيين”.
ففي المرحلة التي سبقت حرب السنتين كان رئيس الجمهورية كميل شمعون من أصحاب اللسان السليط ومجلياً في هذا المجال، ولم يجاره في هذا المضمار إلا رئيس حزب الكتلة الوطنية العميد ريمون إده لجهة التعليقات الساخرة، فيما توقف المتابعون مؤخراً عند التوصيف الذي تسرّب من قصر بعبدا وفيه يتهم رئيس الجمهورية العماد ميشال عون للرئيس المكلّف سعد الحريري بالكذب، في حين بات رئيس مجلس النواب نبيه بري من الأقدر على توجيه الإنتقادات اللاذعة والهادفة والرادعة لمن توجّه إليه من النواب أو السياسيين، ولاحقاً رئيس الحزب التقدمي الإشتراكي وليد جنبلاط الذي لم يتعده أحد في التوصيفات العالية السقف والبعيدة عن أي بروتوكول.
كما ترتفع حدة التخاطب بين مسؤولي التيار الأزرق وحزب القوات اللبنانية من جهة والتيار الوطني الحر ورئيسه النائب جبران باسيل في الجهة المقابلة وفقاً للمواقف والتصريحات في هذا الجانب أو ذاك، وآخر المعالم إتهام باسيل من أحد كبار مسؤولي المستقبل النائب السابق مصطفى علوش بالدجل والنفاق فيما نعته رئيس حزب القوات سمير جعجع بالنازية ليرد عليه النائب البتروني مذكراً إياه بشطب الصليب وبالتاريخ الدموي.
في غضون ذلك تساوى عدد من الشخصيات في إستخدام تعابير “حذائي” و “صرمايتي” و”سباطي” وكان مجلياً بينهم رئيس حزب التوحيد العربي الوزير السابق وئام وهاب. فيما تفرّد النائب السابق خالد ضاهر بعبارة :”يللي ما بيحب يحكي معي لأجري”، قاصداً بذلك زملاءه السابقين في تيار المستقبل. فيما وصل زميله في نفس الدائرة النائب السابق رياض رحال إلى أدنى مستويات التعبير عندما أراد توصيف مجموعة من “الحراك الإحتجاجي رفضاً للتمديد”. فيما حفلت لغة السياسيين بتعابير “القرد”،”من تحت زنّاري”، “الأفعى”، “أكياس الزبالة”، “كشتبنجي” و”أنصاف الرجال”. فيما لم يجد النائب العوني سليم عون عبارة ليوجهها إلى زميله الكتائبي نديم الجميل في إحدى جلسات مجلس النواب سوى القول له: “روح لعاب قدام بيتك”.
تقول العبرة: “كما تكونوا يولّى عليكم”، فهل وصل مستوى الشعب اللبناني فعلاً إلى هذا الدَرْك؟.