بين الإنتحار والإعتذار هناك ناس ووطن! … مرسال الترس
أياً كان الإتجاه الذي سيسلكه الرئيس المكلف بتشكيل الحكومة المنتظرة سعد الحريري فقد ضجّت وسائل الإعلام بكل تفرعاتها المرئية والمسموعة والمكتوبة ووسائل التواصل إلإجتماعي بالتوقعات والإحتمالات، إن لجهة الإعتذار وما قد يجرّه عليه من سلبيات. أو التمسك بورقة تكليفه إلى نهاية العهد برغم كل الأجواء الملبدة التي رافقت ذلك التكليف منذ سبعة أشهر ونيّف.
مهما كانت حالة النفق الذي سيسلكه رئيس “التيار الأزرق” للخروج من الأزمة السياسية المستعصية، فإن إبن الرئيس الشهيد رفيق الحريري قد إنزلق إلى موقعة ليس من السهل الخروج منها بدون تداعيات سلبية:
فاذا كان يعتقد أنه قد حمى نفسه بمظلة مذهبية من خلال لجوءه إلى دار الفتوى، فإنه سيكتشف لاحقاً وفي القريب العاجل ان استبدال الديني بالوطني لن يطعم خبزاً، ولعل أكبر مثال على ذلك هو ما أصاب غريمه الحالي رئيس التيار الوطني الحر النائب جبران باسيل من وهن، عندما رفع شعار حماية حقوق المسيحيين قبل أي إعتبار وطني، فالأول تلطى بدار الإفتاء في محاولة لمصادرة القرار السني بكل تلابيبه في وجه رئيس الجمهورية الماروني وصهره. والثاني حط رحاله في بكركي حيث مذهبيته المارونية ليؤلبها على الرئيس المكلف السني الإنتماء والإثنين أخطاءا في الرهان والايام المقبلة ستُثبت ذلك!
أما إذا كان يعتقد أنه يستطيع حماية نفسه من تداعيات الإعتذار (الذي صورّه له البعض على أنه إنتحار سياسي)، عبر تمسكه بالتكليف مهما كانت العواقب، فإنه سيجد نفسه بعيداً جداً عن الشارع اللبناني ككل، لأن الأزمات المالية والمعيشية والصحية تقض مضاجع كل اللبنانيين بدون استثناء. وإذا لم يُحسن التصويب في مساعدة أبناء وطنه على تخفيف معاناتهم، فإنه بعد فترة وجيزة وربما وجيزة جداً لن يجد لبنانيين ليكون زعيماً عليهم!.
لذلك رأى البطريرك الماروني بشارة الراعي أن المسؤولين غارقون في لعبة جهنمية ستودي بالجميع إلى سياسة الشعب المحروق إضافة إلى الارض المحروقة. في حين كان متروبوليت بيروت وتوابعها للروم الأرثوذكس المطران الياس عوده يستحلف كبار المسؤولين بأولادهم وأحفادهم للنزول إلى الشوارع ومعاينة ما يعانيه الناس من أهوال قائلاً لهم:”ادفنوا أحقادكم وقوموا بواجبكم”.
وبين هذا وذاك، فإن أوساطاً فاعلة وعديدة لا تجد أيّ تفسير مقنع للفشل في تشكيل حكومة جديدة”. سوى التركيز على المصالح الشخصية الضيقة التي لن يبقى منها أثر إذا إنهارت البلاد! ولعل ما قالته مجموعة من الموارنة لأحد بطاركتهم عندما تقاعس عن التدخل لحل صراعاتهم الدموية:”على من ستكون بطريركاً”، أكبر مثال على ما يحصل في هذه الأيام العصيبة!..