عندما تكون المبادرات والحلول في خدمة السلطة!… مرسال الترس
سفير الشمال في
2022-01-04
ودّع اللبنانيون السنة الماضية غير آسفين عليها وعلى ما حملته لهم من هموم وأزمات مالية وإجتماعية وصحية، ولكنهم مع أسف أكبر استقبلوا السنة الجديدة وليس لديهم أية أمنيات أو آمال بأن الآتي من الأيام سيحمل لهم الحلول السريعة لتلك الأزمات، أو معطيات ملموسة لتلك الهموم التي تحاصرهم من جميع الجهات وتدفعهم الى الخوف من مطبات أمنية يحذرهم منها بعض المحللين أو العرّافين!
ليس من طبيعتي التشاؤم في مطلع أية سنة جديدة، مهما حملته التي سبقتها من سيئات، ولكن ما رافق السنتين المنصرمتين من أزمات حادة وغابت عنهما الحلول الملموسة التي يُفترض أن تُطرح من قبل أركان الحكم جعلت كل أهل الوطن أمام غمامة سوداء:
فكل ما سمعه وسيسمعه اللبنانيون من تمنيات وآمال عبر مسؤوليهم لم يلمسوا منها سوى الهباء والسراب لأن جميع المبادرات ومقترحات الحلول و (الصفقات) التي تحدّث عنها هذا الطرف أو ذاك لم تكن تستهدف أوجاع اللبنانيين وهمومهم بل كانت تدور حول مصالح أولئك المسؤولين أو الجهات بشكل أو بآخر، والذي صار ثابتاً لدى أبناء الوطن أن مقترحات الحلول تلك وصلت كلها إلى هذا الحائط المسدود أو ذاك لأن جوهرها كان يصب في خانة مصالح الطرف الذي إقترحها أو وضع الخطوط العريضة لها.
فاللبنانيون لم يلمسوا لحظة أن الحلول المالية مثلاً تتمحور حول كيفية إيجاد المخارج الميسّرة لإعادة أموال المودعين إلى أصحابها بل كانت كل الإجراءات والتعاميم وما يوازيها التي إتُخذت تستهدف قضم جزء من تلك الودائع، بدل التفكير في إعادة الأموال التي تم تهريبها إلى الخارج أو إستعادة المليارات التي تم نهبها.
واللبنانيون لم يلمسوا لحظة واحدة منذ بداية استفحال الأزمة قبل سنتين أن المسؤولين يتخذون التدابير الجادة لوقف تدهور العملة الوطنية، وما تتركه من آثار سلبية على قدرتهم الشرائية، واحوالهم المعيشية. وكل ما تابعوه أن السلطة كانت تتعامل مع إنخفاض أسعار الليرة وفق ما تقرره المنصات التي تتلاعب بحركة العملة الخضراء (ويقال انها خارجية المنشأ)، لا بل أنها تتخذ القرارات على ضوء أسعار تلك المنصات، فتلجأ إلى رفع التسعير الرسمي الملتبس الأمر الذي خلق عدة أسعار للدولار في السوق اللبنانية وزاد من الفوضى القائمة.
هذه النماذج الآنية ليست الاّ غيضاً من فيض، أما في المبادرات السياسية فحدّث ولا حرج فبين ما يطلقه المسؤولون من تمنيات مع إطلالة كل سنة وما يلمسه اللبنانيون من وقائع بَونٌ شاسع لا يبدو أن أحداً قادر على ردمه بمبادرات إيجابية في الآتي من آيام السنة الجديدة، طالما أن التناقضات بين السياسيين هي السائدة والغلبة للتناحر وعدم التوافق !