هل يشبه الآداء الدنيوي والسياسي للبطريرك الماروني الكاردينال بشارة الراعي، نمطية سلفه البطريرك الراحل الكاردينال نصرالله صفير الذي تحوّل مثار جدل في الاوساط السياسية اللبنانية منذ رعايته “لقاء قرنة شهوان”، حتى صدور قرار الفاتيكان بتقاعده عام 2011؟
العديد من المتابعين يلاحظون أوجه شبه متعددة بين السيرة السياسية لصاحبي النيافة والغبطة. ويتمنون العودة إلى الوقائع لإستشراف المستقبل حتى لا يكون اللبنانيون وقوداً بدون جدوى:
فالبطريرك صفير الذي رعى إنطلاق “لقاء قرنة شهوان” في العام 2001 بوجه الرئيس العماد اميل لحود عبر إيفاد أحد معاونيه من المطارنة ليكون مشرفاً وموجهاً وملهماً لذاك اللقاء السياسي بامتياز، بعد أن كان قد أقنع مجلس المطارنة بمواقف عالية السقف، رفض القيام بأية زيارة سياسية أو رعوية إلى دمشق، وحتى عند زيارة قداسة البابا، طالما الجيش السوري موجود على الأرض اللبنانية.
اما البطريرك الراعي فإنه بعد سنوات من إمساك العصا في الوسط وسعيه لأن يكون راعياً لشعبه ورعيته، معتمداً خطاباً وسطياً عبر عظات يغلب عليها الطابع الروحي يوجّه من خلالها النصح والإرشاد، حمل منذ الصيف الفائت وبـقدرة قادر”السيف القاطع” بوجه المسؤولين في لبنان وفي طليعتهم الرئيس العماد ميشال عون، رافعاً الصوت وبحدة لافتة أحياناً، إنطلاقاً من الأوضاع المعيشية والاجتماعية التي إنهارت نتيجة السياسات المالية التي راكمت في العقود الثلاثة المنصرمة مئة مليار دولار من الديون على الوطن، أضف إليها سياسات كيدية تستهلك الحكومات قبل تشكيلها وبعده، مع الانفجار المدمر لمرفأ بيروت.
وما إن أخفق في إعتماد طرح “الحياد”، حتى بدأت الأوساط الإعلامية المعروفة التوجهات، بترويج فكرة تشكيل جبهة معارضة تقوم برعايتها بكركي، ويكون رأس الحربة فيها حزبا القوات اللبنانية والتقدمي الإشتراكي وربما حزب الكتائب، إضافة إلى شخصيات كانت تتباهى بوضع المناديل على رقابها، وبتعاون لافت مع ما يسمى منظمات المجتمع المدني ذات الصلات الخارجية والتمويل، من دون نسيان “قادة الثورة المجهولين”.
وتلفت تلك الأوساط إلى أن الصرح البطريركي يجري الإتصالات اللازمة مع المعنيين بتأليف الحكومة للتوصل الى “خطة عمل واقعية للإنقاذ المالي والإقتصادي” (وكأن القوات والكتائب والاشتراكي لم يكونوا مشاركين في تلك السلطة التي دفعت البلاد الى ما هي عليه). وسيهبط عليهم الوحي لإجتراح معجزات الإنقاذ!
صحيح كان لافتاً ما قام به البطريرك الراعي في أسفاره بإتجاه دمشق والأراضي الفلسطينية المحتلة، لكّن حديثه عن “العمل على جمع كل السلاح غير الشرعي” (والمقصود هنا سلاح المقاومة) فهو كمن يضع الملح على الجرح لأن ما عجزت عنه اسرائيل وأميركا والغرب لن يكون سهلاً على معارضة سياسية محلية.
ولذلك ترى الأوساط المراقبة لحركة بكركي، أنه إذا صدق الإعلام الذي يروّج لتوجهها فإن نتائج تلك المعارضة لن تكون افضل مما تم تحقيقه على يد “لقاء قرنة شهوان” و”ثورة الأرز”، اللذين طواهما النسيان، لأن خروج الجيش السوري من لبنان كان بتوليفة دولية إقليمية، وليس بحركة معارضة “مليونية”!