عندما استشرف الرئيس فرنجيه مستقبل العلاقات مع الصين!… مرسال الترس
لأن الخلاف بات السمة المميزة بين اللبنانيين حتى باتوا يُشبّهون: بأنهم كأهل القسطنطينية الذين اختلفوا على “جنس الملائكة” فيما كانت الجيوش المعادية تعمل على إسقاط المدينة!
فبينما الوطن يعاني من أزمات صحية ومالية ومعيشية حتى بات الفقر والجوع داخل المنازل وليس على الأبواب فقط، يتنازع أهل الحل والربط ليس على كيفية تشكيل الحكومة أو التدقيق الجنائي، وإنما على ابسط الأمور وأتفهها، من دون أي تفكير فيما يساعد الوطن على تلمّس طريق الخلاص.
بعد إعلان دولة لبنان الكبير في العام 1920 ولثلاثة عقود تلت كانت لفرنسا اليد الطولى في لبنان، إلى أن أخذت الولايات المتحدة الأميركية قصب السباق إثر إنشاء الدولة اليهودية على الأرض الفلسطينية، ولم يعد الإهتمام بلبنان اولوية لدى الغرب، حيث تقدمت المصلحة الإسرائيلية على ما عداها.
في العام 1971 استشرف رئيس الجمهورية الراحل سليمان فرنجيه أهمية الانفتاح شرقاً وتحديداً باتجاه الصين، وهي الدولة التي كان ينتظرها مستقبل واعد، نظراً لتعداد سكانها المتقدم على بقية دول العالم. وتوجهها، بالرغم من نظامها الشيوعي، نحو إعادة النظر في إقتصادها ليلائم النقلات النوعية في التكنولوجيا التي بدأت تترك بصماتها على المستقبل الإنساني. فأعطى التوجيهات اللازمة في السنة الثانية من عهده بإقامة علاقات ديبلوماسية مع جمهورية الصين الشعبية، بعدما لمس ارتباط الغرب وفي مقدمته الولايات المتحدة الأميركية استراتيجياً بالدولة اليهودية، وأن لبنان بالنسبة لذاك الغرب ليس الاّ رأس جسر إسرائيلي للدخول الى البلاد العربية، فكانت عبارته الشهيرة التي دأب على تردادها في مؤتمراته الصحفية الأسبوعية: “يجب أن يكون لبنان آخر دولة عربية توقّع السلام مع الدولة الصهيونية، لأنه أي لبنان لا يستطيع تحمل تبعات عربية وإسلامية لأية خطوة من هذا النوع!”.
لذلك كانت الحرب، المؤطرة خارجياً، في العام 1975، من أجل جرّ لبنان إلى معاهدة سلام، وعندما فشل المشروع الجهنمي إثر إغتيال رئيس الجمهورية المنتخب بشير الجميّل عام 1982، وإسقاط إتفاق 17 إيار الذي تم توقيعه في عهد شقيقه الرئيس السابق أمين الجميّل في العام 1983. لم يعد أمام ذاك الغرب سوى استخدام الحرب الإقتصادية الشاملة التي انطلقت في العام 1992، والتي نشهد تداعياتها في هذه الحقبة.
فبعيداً عن أية حسابات خارج المصلحة الوطنية، لماذا لا تُعتمد مثلاً خطة خمسية او عشرية مع الصينُ ستجلب عشرات المليارات من الدولارات في إستثمارات تنموية مختلفة؟ فاذا نجحت وإنعكس ذلك إيجاباً على الوطن وشعبه يجري تمديدها وتفعيلها. والاّ فلتتم العودة باتجاه الغرب بكل ما يحمل ذلك من تبعات. أما أن يتم التشبث بالغرب مهما كانت النتائج، فذلك لا يعدو كونه ضرب من ضروب النكايات التي لن تسفر الاّ عن إغراق اللبنانيين بمزيد من الأزمات، طالماً أن أية فئة في لبنان لن تستطيع فرض أي توجّه على فئة أخرى، فليكن كل ما يحصل لمصلحة الجميع وليس لصالح مجموعات باعت نفسها لشيطان الشهوات، وقدمّت مصالحها الشخصية على حساب لبنان واللبنانيين!.