و تسألني يا صاحبي لماذا تغيّر طعمُ التفاح
زمان كانت أسماؤنا أحلى و النساء أكثر أنوثة ..
ورائحة الطعام تتسرب من شبابيك البيوت ..
وساعة ‘الجوفيال’ في يد الأب العجوز أغلى أجهزة البيت سعراً وأكثرها حداثة ..
وحبات المطر أكثر اكتنازاً بالماء ..
,, زمان ,,
كانت أخبار الثامنة أقلّ دمويةوالأحد الرياضي .
كانت غمزة👀 ‘سميرة توفيق’ تحرج الأمهات وتعتبر أكثر مشاهد التلفزيون جرأة ..
وأجرة الباص فرنك ونصف
والصحف تنشر فجرا” أسماء الناجحين بالبكالوريا ..
كان المزراب يخزّن ماء الشتاء في البراميل، أو بئر البيت ..
وكُتّاب القصة ينشرون مجموعات مشتركة ..
والجارة تمدّ يدها فجرا من خلف الباب بكوب شاي ساخن لصاحب النظافة(الزبّال) فيمسح عرقه ويستظلّ بالجدار!
ولم نكن نعرف بعد أن هناك فاكهة تتطابق بالاسم مع منظف الأحذية’ الكيوي’
وأننا يوماً ما سنخلع جهاز الهاتف من شروشه ونحمله في جيوبنا!!
كانت ‘القضامة المالحة! توصف علاجاً للمغص، والمغبرة للحموضة؛!
والقضامة المكسرة تسليتنا..
والأولاد يقبّلون يد الجار صباح العيد ..
وبوط الرياضة الصيني في مقدمة أحلام الطلبة المتفوقين والتلفزيون يفتح السادسة بعد الظهر و يغلق شاشته في موعد محدد مثل أي محل أو مطعم!
حين كانت أقلام “البيك الأحمر هي الوسيلة الوحيدة للتعبير عن الحب قبل اختراع الموبايلات ..
وعندما كانت المكتبات تبيع أوتوغرافات ودفاتر خاصة للرسائل أوراقها مزينة بالورد ..
أما
الورد ذاته فكان يباع فقط في أبو رمانة ، الحي الأرستقراطي الباذخ في ذلك الزمان
كانت جوازات السفر تكتب بخط اليد، والسفر إلى جميع البلدان بالقطار والباص
وقمصان ‘النص كم’ للرجال تعتبرها العائلات المحافظة عيبا وتخدش الحياء
كانت البيوت لا تكاد تخلو من فرن ‘أبو ذان وأبو حجر’ الحديدي، والأمهات يعجنّ الطحين في الفجر ليخبزنه في الصباح ..
والأغنام والماعز تدق بأجراسها أن بائع الحليب صار في الحي ..
كان مسلسل ‘حمام الهنا’ لدريد ونهاد يجمع الناس مساء،..
ومباريات ‘محمد علي كلاي’ تجمعهم في سهرات الثلاثاء
و كانت الناس تهنئ أو تعزّي بكيس سكّر ‘أبو خط أحمر’ وزن مائة كيلو غرام..
والأمهات يحممّن الأولاد في اللكن ..
كان ‘الانترنت’ رجماً بالغيب لم يتوقعه أحذق العرّافين ..
ولو حدّثتَ أحدا يومها عن ‘العدسات اللاصقة’ لاعتبرك مرتدّاً أو زنديقاً تستحق الرجم
أما ‘الماسنجر’ فلو حملته للناس لصار لك شيعة وأتباع
حين كان مذاق الأيام أشهى، ومذاق الشمس في أفواهنا أطيب والبرد يجعل أكفّ التلاميذ حمراء ترتجف فيفركونها ببعضها وكانت لهجات الناس أحلى، وقلوبهم أكبر وطموحاتهم بسيطة ومسكينة وساذجة
الموظفون ينامون قبل العاشرة،
والزوجة في يوم الجمعة تخبئ سودة الدجاجة وقوانصها لتقليها للزوج دلالة على تدليله
حرارة الشمس كانت أكثر صرامة في التعامل مع الصائمين،, والثلج لم يكن يخلف موعده السنوي وكانت الحياة أكثر فقرا وبرداً وجوعاً، لكنها كانت دائما خضراء
و تسألني يا صاحبي لماذا تغيّر طعمُ التفاح
الله على ذاك الزمن البسيط البريء ..
هنيئا للذين عاشوه حتى ماتوا ولم يروا كل هذا الدمار النفسي الذي نعيشه ..
✍️Dr-Ahmed Elshekh✍️