بالنسبة للبنانيين: الطرق واضحة والهدف مشتّت!… مرسال الترس
برغم تناقضاتهم وتصارع افكارهم، يبدو واضحاً لدى جميع المراقبين والمتابعين أن اللبنانيين يحفظون الطرق السياسية بمسالكها الوعرة ومنعطفاتها الحادة، نظرا لما عانوه خلال العقود الخمسة الماضية، من أحداث وتبدلات، ولكنهم مختلفون بشدة على الأهداف ونواصيها، باعتبار أن كل مجموعة منهم لها نظرتها ورؤيتها للحل المنبثقة من نظرة معينة.
فعلى هامش الأزمات الخانقة والمتعددة الأوجه التي يعيشها اللبنانيون، برع المتعاطون بالشأن العام في إبتداع الانتقادات (ومعظمها على خلفية تهكمية)، على قاعدة: “شرّ البلية ما يُضحك”، وإحداها جرى تداولها مؤخراً عبر وسائل التواصل الإجتماعي – الناشطة بسلبية مطلقة في معظم الأحيان – وتضمنت التالي: “رئيس الجمهورية ميشال عون: ذاهبون إلى جهنم /رئيس مجلس النواب نبيه بري: ذاهبون إلى طريق مسدود/ رئيس الوزراء المستقيل حسان دياب: ذاهبون الى الهاوية/ رئيس تيار المستقبل النائب سعد الحريري:الله يعين البلد /وزير الطاقة ريمون غجر: ذاهبون إلى العتمة /وزير الداخلية محمد فهمي: ذاهبون إلى الفوضى /وزير الصحة حمد حسن: ذاهبون إلى كارثة صحية… وجواب المواطنين على ذلك كان: “أيها المسؤولون اتفقوا لوين رايحين تانعرف شو بدنا نلبس”!
عبارات قد تكون مسلية في نظر البعض، ومضحكة جداً من وجهة نظر البعض الآخر، ولكنها في نظر المؤمنين بهذا الوطن )وباتوا قلّة نادرة( فإنها مؤلمة جداً. لأنها تعكس حالة من اليأس وفقدان الأمل من منظومة سياسية أمعنت في تهشيم صورة بلدٍ بدت مشرقة في بعض الأحيان، وواعدة في ظروف أخرى، ولكن لم يكن أحد يعتقد أن مجموعة سياسية فاسدة تستطيع التدمير بهذا الحجم واللامبالاة. فالناس تختنق وتجوع وتُذّل على أبواب المستشفيات والصيدليات وهم يتناحرون على بديهيات يمكن إبتداع حلول لها إذا ما توافرت الثقة بين أصحاب الشأن.
ففيما العديد من دول العالم تسجّل قفزات نوعية بالتطور والتقدم بالرغم من أن أنظمتها متهمة بالديكتاتورية والتسلط، فإن الديمقراطية اللبنانية (ولاسيما التوافقية منها) وسوء تطبيقها قد أعادت البلاد قروناً إلى الوراء. لأن من يتبجحون الامساك بزمامها، لم يستطيعوا الاتفاق على بناء وطن يجمعهم ويصونهم من الأهواء الإقليمية والدولية التي تُعتبر منطقة الشرق الأوسط أسواء مثال لها نظراً لما يعصف بها من تناقضات وصراعات طائفية ومذهبية!.