هل سيبقى شيء في لبنان لإنقاذه؟ … مرسال الترس
يستغرب معظم اللبنانيين كيف أن دولتهم التي عاشوا سبعة عقود على حلم انها ″قطعة من سما″ قد إستفاقوا يومأً في خريف العام 2019 ليجدوا أن أموالهم قد نُهبت، والمؤسسات العامة قد إستقالت عن القيام بمسؤولياتها، وباتت دولة بكاملها تسير على مقولة ″سارحة والرب راعيها″. فلا من يتحمل مسؤولية ولا من يحاسب، بينما المسؤولون والسياسيون يعيشون في عوالم أخرى بعيدة جداً عما يعيشه المواطن من أزمات تدفع به إلى الفقر والجوع وربما إلى فقدان الوطن!
رئيس الجمهورية يعمل من منطلق أنه منذ اتفاق الطائف ليس بين يديه الصلاحيات التي تخوله حسم الأمور التي كان يأمل بتصليحها وتغييرها، فإذا به في دوامة من الدوران في حلقة مُفزعة من الفراغ في السلطة التنفيذية.
مجلس النواب يلتئم في المناسبات (غير السعيدة معظم الأحيان)، وليس وفق الضرورة القصوى كالتي يعيش فيها البلد، ويسن قوانين تبقى في العديد من المفاصل في الخزائن وبدون تنفيذ، وإذا نُفِّذت، فعبر طرق عرجاء وخاضعة للمصالح الضيقة.
الحكومة المستقيلة ورئيسها قد استقالا حتى من القيام بتصريف الأعمال، في حين كان بامكانها وإمكان رئيسها ان يسجلا أسميهما في صفحات بيضاء من التاريخ، لو سعيا لمحاسبة المفسدين وناهبي المال العام.
رئيس الحكومة المكلف “يمشي الهوينا” في مهمة أوكلت اليه منذ خمسة أشهر، وبات واضحاً أنه يُعطي الجولات الخارجية على العديد من العواصم المعنية بلبنان، أكثر من سعيه لإيجاد مخارج ملائمة لهندسة حكومة تهتم بشؤون مواطنيها الذين أجبرتهم الأزمات المتلاحقة على الإنحناء أو رفع الأيدي.
مختلف الأفرقاء في لبنان يفضلون مبدأ النكايات على أي مبدأ آخر ينطلق من مفهوم وضع الكتف الى جانب الأخر للخروج من المأزق، على قاعدة أنه اذا فَشِل الخصم يكون هو جاهزاً ليحل مكانه.
الدول الغربية وفي طليعتها الولايات المتحدة الأميركية لا همّ لها في هذا الشرق سوى مستقبل الدولة اليهودية ومصالحها الاستراتيجية.
الدول العربية لديها من المشاكل ما يلهيها عن الاهتمام بالآخرين حتى ولو كانوا من الأشقاء في قاموسها العام. وهي بالتالي غير جاهزة لتحمل المزيد من الهموم وبخاصة إذا كان مصدرها من لبنان واللبنانيين.
وإزاء كل هذه الظروف يتناسى المسؤولون والسياسيون اللبنانيون أو يتجاهلون قصداً أن الهيكل إذا إنهار فسيكون إنهياره على رؤوس الجميع، أو إذا غرقت السفينة فسيغرق الجميع، وما زال معظمهم يعتقد انه سيكون هو المنقذ… ولكن سها عن بالهم أنه لن يبقى شيء لإنقاذه!